للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يدل عليه أن في رواية يحيى بن سعيد عن ابن جريج عن مزاحم: خرج من الجعرانة ليلًا معتمرًا فدخل مكة يقضي عمرته ثم خرج من ليلته فأصبح بالجعرانة كبائت فما زالت الشمس من الغد خرج في بطن سرف (١) لكن اللفظ في "سنن أبي داود" (٢) عن محرش: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - الجعرانة فجاء إلى المسجد ركع ما شاء الله ثم أحرم ثم استوى على راحلته فاستقبل بطن سرف حتى لقي طريق المدينة فأصبح بمكة كبائت.

وقد يؤيد هذا بما قيل: أن الجعرانة على ستة فراسخ من مكة ويستبعد قطع هذِه المسافة ذهابًا وإيابًا والاعتمار في ليلة واحدة والله أعلم، وإنما اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجعرانة في غزوة حنين ففي "الصحيح"؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربع عمر: عمرة الحديبية حيث صده المشركون، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة حيث صالحهم، وعمرة الجعرانة حيث قسم غنائم حنين، وعمرة مع حجته (٣) ويقال: أنه - صلى الله عليه وسلم - اعتمر من الجعرانة مرتين عمرة القضاء سنة سبع، ومرة عمرة هوازن (٤).

ورأى الشافعي لمن هو بمكة أفضل البقاع لإحرام العمرة: الجعرانة ثم التنعيم ثم الحديبية، وليس النظر في الترتيب إلى المسافة؛ فقد قيل: إن المسافة من الجعرانة ومن الحديبية إلى مكة واحدة، ولكن


(١) رواه الترمذي (٩٣٥) وقد سبق تخريجه.
(٢) "السنن" (١٩٩٦).
(٣) رواه البخاريّ (١٧٧٨)، ومسلم (١٢٥٣/ ٢١٧) من حديث أنس.
(٤) قال الحافظ في "التلخيص" (٩٧٧): كذا وقع فيه (أي الشرح الكبير للرافعي) وهو غلط واضح فإنه - صلى الله عليه وسلم - يعتمر في عمرة القضاء من الجعرانة، وكيف يتصور أن يتوجه - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى جهة الطائف حتى يحرم من الجعرانة ويتجاوز ميقات المدينة، وكيف يلتئم هذا مع قوله: قيل أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحرم إلا من الميقات، بل في الصحيح من حديث أنس ... فساق الحديث السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>