للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال الشيخ الحسين الفراء: وما يأخذه السّدنة (١) من الناس على إدخالهم البيت لا يطيبُ لهم، وإنما يجب أجرهم على ما يتولونه من القيام بمصالحه في بيت المال، وعلى هذا القياس أمر المساجد والمشاهد والرِّباطات والمنازل التي ينتابها الناس لعبادة أو ارتفاق، والآبار والحياض المسبَّلة في المفاوز ليس لأحد أن يأخذ ممن يأتيها شيئًا إلا أن يستأجره رجل أو يعطيه شيئًا على قيامه بمصالحه من سقي ماءٍ أو تنظيف مكانٍ أو نحوهما.

وقوله في أثر عمر رضي الله عنه: "يسأله عن ولاد من ولاد الجاهلية" الولاد: الولادة، كأنه سأله عن ولادة جماعة وحالهم في أنسابهم لمعرفة ذلك الشيخ بها إما لقيافة (٢) أو غيرها، فقال الرجل: كان الماء لفلان ولكن المرأة كانت على فراش فلان فقال عمر رضي الله عنه: الولد للفراش، ثم سأله عن بناء البيت وكيفيته فقال: إن قريشًا كانت تقوِّت لبناء البيت، كأنه يريد أنها اجتمعت وتقوى بعضهم ببعض يقال: قوي فلان وتقوى بمعنى.

وقوله: "فعجزوا فتركوا بعضها في الحجر" يريد عجزوا عما ينفقونه فيه، ويقال أنهم كانوا ينفقون من وجوه طيبة معدَّة لها فلم تفِ بعمارة الجميع، وكانوا لا يرتضون سائر الأموال، والكناية في قوله: "بعضها" مردودة إلى الكعبة أو البنية، ولو ساعدت الرواية فقرئت اللفظة "تقرَّت لبناء البيت" أي: تتبعت الوجوه التي ينفقون منها على


(١) السّادن: خادم الكعبة، والجمع: السدنة. "مختار الصحاح" "سدن".
(٢) القيافة: أن يعرف بفطنة وصدق فراسة أن هذا ابن فلان أو أخوه، وكانت في بني مدلج. "الفائق" (١/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>