ويروى عن عبد الله بن المبارك أنه كان يقول: الحديث في أن البيِّعين بالخيار ما لم يتفرقا أثبت من هذِه الأساطين (١).
وقوله:"المتبايعان بالخيار، كل واحد منهما على صاحبه بالخيار" وكذا هو في كثير من "نسخ الكتاب" بتكرار لفظة "بالخيار" وعلى هذا قصد بالأول وهو قوله: "المتبايعان بالخيار" جملة، والمقصود أن لهما خيارًا؛ والثاني جملة أخرى، والمقصود أن ذلك الخيار لا يختص بأحدهما بل يثبت لكل واحد منهما، وفي أكثر الروايات:"المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه" وهو واضح.
ودلالة الأحاديث على ثبوت خيار المكان للمتبايعين ظاهرة، وبه قال أكثر أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم، وخالف فيه جماعة، منهم: أبو حنيفة ومالك، وحملوا التفرق على التفرق بالرأي والكلام، وقالوا: كل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا في الكلام حتى تم الإيجاب والقبول بينهما، وتعجب الشافعي من رواية مالك الحديث وترك القول بمقتضاه؛ فقال: رحم الله مالكًا، لست أدري من اتهم! اتهم نفسه أو نافعًا، وأعظم أن أقول: اتهم ابن عمر، وأجيب عن التأويل بوجوه:
أحدهما: أن ابن عمر رضي الله عنه كان إذا أراد أن يوجب البيع الذي عنده مشى قليلًا على ما ذكرنا في رواية ابن جريج، والراوي أعرف بما سمعه ورواه.
والثاني: أنه روى ثعلب عن ابن الأعرابي، عن المفضل أنه قال: الافتراق في الكلام، والتفرق في الأبدان.