وقوله:"وحدثنا زيد بن ثابت أنه أرخص في العرايا" فيه إشارة إلى أنه استثنى ذلك عن بيع الرطب بالتمر تخفيفًا ورخصة، ويوضحه أن في رواية الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم: لا تبيعوا الثمر بالتمر.
قال: وأخبرني عبد الله عن زيد بن ثابت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص بعد ذلك في بيع العرية.
وعد استثناء العرايا من بيع الرطب بالتمر كاستثناء السلم من بيع ما ليس عند الإنسان.
وقوله:"بعت ما في رءوس نخلي بمائة وسن " أي من التمر إن زاد ما حصل منه فهو لهم وإن نقص فعليهم، ولما سأل ابن عمر عنه بيَّن رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك، إلا أنه أرخص في العرايا وليس الصورة صورة العرايا لكثرة القدر، وبيع الرطب على رأس النخل بالثمر على وجه الأرض يسمى "مزابنة" على ما بيَّن التفسير في حديث جابر، واللفظة مأخوذة من الزبن وهو الدفع، ومهما ظهر غبن في العقد سعى المغبون في فسخه والغابن في إمضائه، فيتزابنان أي: يدفع كل واحد منهما الآخر عما يرومه، وتقدير ما على رأس الشجر إنما يكون بالخرص وهو حدس وتخمين يكثر فيه الغلط ويظهر الغبن فخص لذلك باسم المزابنة، وقيل: الزبن: الغبن، وبيع المزابنة: بيع المغابنة فيما لا يجوز فيه الغبن والزيادة لكونه ربا.
ولو باع على رأس الشجر بجنس آخر على وجه الأرض فلا بأس, لأنه لا يشترط المماثلة حينئذ، وقبض ما على رأس الشجر يكون بالتخلية وقبض ما على وجه الأرض بالنقل، والعرايا المستثناة عن مطلق بيع الرطب بالتمر، وعن بيع الرطب على رأس النخيل بالتمر