للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفتاة الحي المشار إليها في كلام النابغة، وذات الأشفار المشار إليها في كلام الأعشى هي زرقاء اليمامة، وكانت توصف بحدة البصر وسلامته، والراجح عندي أن زرقاء اليمامة هذه قد كانت من آلهة العرب المؤنثات أو عسى إن كانت كاهنة ثم أُلهت فيما بعد. والقصة التي أشار إليها النابغة من قصتها هي ما ذكروه أنها رأت ذات يوم سربًا من الحمام، بين جانبين عاليين من جبلين متقابلين، وذلك أخفى له، فقالت تسجع:

ليت الحمام ليه

إلي حمامتيه

ونصفه قديه

تم الحمام ميه

والقصة التي أشار إليها الأعشى هي ما ذكروه في حكاية طسم وجديس وكلتاهما من العرب العاربة التي هلكت في الزمان الخالي. وقال الراوي يذكر مسير حسان ملك حمير إلى جديس ليفنيهم انتقامًا لما فعلوه من الغدر بإخوانهم من طسم، وقد كان مضى إليها رجل من طسم يستثيره يقال له رياح بن مرة، قال (١): «فلما كان أي حسان» - من جو (٢) على مسيرة ثلاثة أيام، قال لهم رياح، إن فيهم امرأة يقال لها اليمامة، تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام. فاقطعوا الشجر، وليضع كل راكب منكم بين يديه غصنًا من أغصانها ليشتبه عليها. فقامت اليمامة على رأس حصن لهم يقال له البتيل (٣)، فقالت «أرى يا قوم زحفت إليكم الشجر. أم أتت


(١) ديوان الأعشى طبع أوربا، تحقيق جابر-٨١ - ٨٢.
(٢) في الديوان «على جو» وأحسب الصواب (من) وأصلحناه لتستقيم القراءة للقارئ، فليحقق. وجو هي أرض اليمامة، كانت تسميها العرب جوًا.
(٣) يا ترى هل كان البتيل هذا معبدًا للإلهة؟ بيت إيل! !

<<  <  ج: ص:  >  >>