من الكسر، لما يشعرون به فيه من لين وانكسار يلائم العواطف الرقيقة المنكسرة التي يريدون أن يعبروا عنها.
[تعقيب واستدراك]
لا يخفي علي القارئ أن الملاحظات العامة التي أدلينا بها هنا عن حروف الروي وحركاتها، مفترض فيها أن الأوائل كانوا ينطقون هذه الحروف والحركات كما ننقطها الآن. وهذا ليس بالصحيح. ففي كتاب سيبوبه (١) ما يدل علي أن الظاء كانت من فصيلة الذال، وهي كذلك في اليمن الآن، بحسب ما خبرني الأستاذ السيد محمد عبده غانم، ولكنها عندنا من فصيلة الزاي. والقاف كانت تنطق كثير من فصحاء العرب كما تنطق الآن في السودان وبعض أنحاء مصر والحجاز، أو قريبا من ذلك، وهي الآن في النطق مقلقله مطبقه غير مجهورة، وسيبوبه ينص على جهرها. والصاد كانت أخت الزاي، يدل علي ذلك قولهم "فزد" في "فصد"، وهي عندنا أخت السين. والضاد لا أخت لها، حتى أنها لو أزيل عنها الإطباق صارت لا شيء. ونحن ضادنا ليست كذلك، وإنما هي الضاد الضعيفة، وأهل اليمين ينطقون الضاد قريبة من الظاء، وكذلك يفعل عرب الكبابيش بالسودان. وإن كانت الضاد العربية هي ضاد سيبوبه، فليس أكثر العرب الآن من الناطقين بالضاد.
علي أن تفريغ سيبويه علي ائمخارج الفصيحة، ما يدل علي أن نطقنا في جملته كانت له مشابه من نطق العرب الفصحاء. وفي كلام العلماء بعد سيبوبه عن المخارج، ما يرجع أن نطقنا الفصيح الآن، لا يختلف كثيرا عن نطق فصحاء البغداديين أيام المتوكل ومن جاءوا بعده. فلعل هذا يبرر أكثر التخريجات التي خرجناها، أو شيئا منها على الأقل.