العروض يستحسن الشعر من اجله وإن خلا من أكثر نعوت الشعر كقول حسان:
ما هاج حسان رسوم المقام ... ومظعن الحي ومبنى الخيام
وقال قدامة نحوًا من هذا في نعت اللفظ والذي عليه «رونق الفصاحة مع الخلو من البشاعة، مثلا أشعار يؤخذ فيها ذلك وإن خلت من سائر نعوت الشعر».
وقد اتبع قدامة بن قتيبة حيث ذكر ما جاد لفظه وحلًا وما يختار لوزنه وفي الذي ذكره المرزوقي من التحام أجزاء النظم على تخير من لذيذ الوزن مشابه مما قدمنا ذكره من حديث كلردج عن الإرادة والوجدان من طريق الوزن وتواتر أشكال التعبير والمجاز. هل اطلع كلردج على مقدمة المرزوقي أو خلاصة منها؟ لا نستبعد ذلك لما سبق زمانه من ترجمة حماسة أبي تمام ومعرفة أهل الاستشراق بها.
وفي حديث المرزوقي عن المعايير كلفة وغموض. وسائر كلامه راجع كما قدمنا إلى الجاحظ وابن قتيبة وقدامة وهلم جرا والأبواب السبعة أوضح من أن تذكر لها معايير تدل عليها وكلام النقاد عنها مستفيض. وأحسب أن المرزوقي أعجبه لفظ عيار السعر وقد استشهد بشيء من كلام ابن طباطبا في المقدمة وذكر مع اسمه كنيته وكأن قد كان به ذا إعجاب والله أعلم.
[رجع الحديث]
هذا ونعود إل ما كنا فيه من حديث وجه الشبه بين أبي تمام وكلردج أن كليهما يزعم أن للفكر جانب مهم من اليد الطولى في عمل الشعر وثقافته وتهذيبه.