وهذا من نعت الترائي والمناغاة. وهو جيد بالغ. ومما يلحق بأوصاف الظعائن. وغير خاف عنك بعد أن المرأة مما كانوا يسمونها ظعينة، رحلت أو لم ترحل. وهذا بعد باب يطول. فحسبنا منه ما قد عنّ والله المستعان.
وما جرى هذا المجرى يخيم دون الإيحاء فيحتاج الشاعر إلى أن يشعره حيوية أو حركة بمعان يزيدها عليه. كقوله المنخل:
فدفعتها فتدافعت ... مشي القطاة إلى الغدير
فذكر التدافع، وخص ضربًا خاصًا من هيئة القطاة وسمتها، وذلك حين تمشي إلى العدير. وقال المرار:
يتهادين كتقطاء القطا ... وطعمن العيش حلو غير مر
فاستعمل «التقطاء» ليدل على ما تفعله القطاة من اختلاس قدميها، ثم فرع بذكر ما هن فيه من نعمة ليسبغ إيحاء غزليًا خاصًا على التهادي والتقطاء فيه الأشعار بخلو البال وزهو الجمال وارتياد الهوى وخلاب الفتنة.