للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو لم تخنه نفيلٌ، وهي خائنةٌ، ... ألم بالقوم وردٌ منه، أو صدر

وراد حربٍ، شهابٌ يستضاء به، ... كما يضيء سواد الطخية القمر،

والشطر الأول تقسيمه واضحٌ كما ترى. وفيه صيحةٌ آيسةٌ من صيحات النوح.

إما سلكت سبيلا، كنت سالكها ... فاذهب، عليك سلام الله، منتشر

وهذا هو المقطع، وبه تنتهي هذه القطعة الرائعة المتحدة المتماسكة من أولها إلى آخرها، ومع وجود أمثال هذه الكلمة العربية مما الوحدة فيه بينةٌ ظاهرةٌ، لا تزال تجد من يتحذلقون قائلين: إن الجاهليين والأوائل ومن بعدهم من الشعراء المحدثين، لم يكونوا يعرفون وحدة القصيدة، وإنما يعنون بوحدة القصيدة وحدة الموضوع. وقد ذكرنا أنفًا أننا لا نقول بوحدة القصيدة بهذا المعنى (١). أما إن كان المعني بوحدة القصيدة، وحدة روحها العاطفي؛ وهذا ما ينبغي، فمن الخبال والضلال أن يزعم زاعم أن الشعر العربي ليس فيه شيء من ذلك. ونأمل أن نفصل الحديث في هذا عندما نعرض لأمر البيان.

هذا، ولعل كلمة أعشى باهلة، والأبيات التي قدمناها من قبل، تكفي في الدلالة على ماهية التقسيم الخفي، وقوة فعله في الارتفاع بموسيقا الشعر وتنويعها.

[التقسيم الواضح]

التقسيم الواضح، كما لعله قد بدا للقارئ الكريم من سياق حديثنا، هو ما كانت المواقف اللسانية فيه ناصعةً، بينةً، بحيث لا يمكنك تجاوزها أو تجاهلها. نحو قول زهير:


(١) المرشد ١: ٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>