بجوهر الشعر بحيث لا يخفى عليه مكان البراعة والروعة من أمثال ما قدمنا من الشواهد، وبحيث لا يغيب عنه أن مثلها أقرب لأن يكون صحيحًا كله، من أن يكون منحولاً جله، لأن فيه طابعًا قويًا من شخصية حية وأسلوب حيّ، لا يرقى الانتحال إلى مثل مراقيه. ومما يُخفف التعجب شيئًا، ويريح النفس كثيرًا أن طبع الدكتور طه لصفائه، أبى أن ينكر شخصية الأعشى، كما أبى أن ينكر في شعره ما ليس بمنحول وما لا ريب في صحة نسبته «على أن تمييز ليس باليسير» كما قد قال.
ومما يريح النفس أيضًا أن كلام الدكتور طه هذا قد وقع في كتاب من كتبه القديمة، وما أشك في أنه الآن قد رجع عن أكثره ولا سيما في شأن متقاربيات الأعشى، فإنها من نصوع الطريقة ووضوح المذهب، بحيث تصلح أن تكون مقياسًا يعرف به الصحيح من الزائف في شعر هذا الرجل، فالشك جديرٌ لأن يكون عنها بمكان عزيب.
وبعلد فلعل مما قدمناه لك من شواهد مختلفة -أيها القارئ الكريم- أن يكون نصًا صريحًا فيما زعمناه بدءًا من أن المتقارب بحر تغن من النوع المناسب المتدفق، وأنه من أيسر البحور لمن يريد النظم، وأعصاها لمن يحاول الإحسان والإتقان لما يتطلبه من سلامة الطبع وامتداد النفس.
[٤ - الوافر]
هذا البحر عند العروضيين من جنس الكامل، وأخوه في دائرته الثانية، ووزنه عندهم في صيغته التامة: