فيهن من قصة يوسف في كتاب الله ما جاء، وقد جاء فيهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المروي ما قال، فانصرف عن البدء بالنسيب وخذ في امر الجد وارتحل بعزم إلى الممدوح فمن جد وجد. وكل ما صنعه أبو تمام أنه اختصر النسيب في صدر البيت وجعل العجز خروجًا إلى الرحلة. فليس عجز البيت بمنفصل عن صدره كما زعم الآمدي بل الذي زعمه الآمدي من أن أبا تمام قد أتم البيت بعجز لا يليق بصدره غير صواب، وهو به واقع في باب عدم الفهم لما يقال ذلك الذي نفر أبو سعيد الضرير وأبو العمثيل أن ينسبا إليه إن صح هذا الخبر عنهما. وفي كتاب من حديث الشعر والنثر للدكتور طه حسين رحمه الله في الفصل الذي عن أبي تمام وشعره قال: أظنكم توافقونني على أن هذا المطلع غريب يعني رحمه الله قوله: «هن عوادي يوسف وصواحبه» - «وإن فهمه ليس بالشيء اليسير». قلت ولا يستفاد من قوله هذا أن البيت غامض أو أن فهمه مستعصٍ كل الاستعصاء، فالذي ذهبنا إليه هو الصواب إن شاء الله تعالى.
[المقاطع عند المحدثين]
كما كان أبو تمام وأبو الطيب كلاهما يحرصان على حسن المطلع كذلك كانا يحرصان على جودة المقطع كقوله الذي تقدم ذكره:
إذا ما امرؤ القيس إليك برحله ... فقد طالبته بالنجاح مطالبه
وقد نبهنا على أن فيه رجعةً إلى قوله:
فعزمًا فقدمًا أدرك النجح طالبه
وأنفاسًا من مذاهب الرجعة في الخاتمة التي ذكرنا منهن أمثلة. ولا بأس من