قالوا عيب العجاج بأنه لا يحسن الهجاء فأجاب بأن من يحسن البناء يحسن الهدم فلا يعسر عليه واعترض ابن قتيبة على هذا بأن الهجاء بناء كما المدح بناء. ولكلا القولين وجه من الصواب. ذلك بأن المدح يخالطه بيان الفضائل وربما احتاج ذاكرها إلى ذكر أضدادها ليبينها ومن أجل ذلك قال أبو الطيب:
ونذمهم وبهم عرفنا فضله ... وبضدها تتبين الأشياء
وقد مدح جريرٌ هشامًا بميميته التي أوردنا قدرًا صالحًا منها في الجزء الأوب في معرض الحديث عن الوافر وعدد فيها فضائل هشام فلم يحتج إلى تعريض حتى صار إلى آخر القصيدة فقال:
تواصت من تكرمها قريش ... برد الخيل دامية الكلوم
فما الأم التي ولدت قريشًا ... بمقرفة النجار ولا عقيم
وما قرمٌ بأنجب من أبيكم ... وما خالٌ بأكرم من تميم
سما أولاد برة بنت مر ... إلى العلياء في الحسب العظيم
أرب جرير أن يثبت حق تميم وينوه بقوتها. فبدأ بمدح قريش. وبرأها من الهجنة والهجنة تكون من جهة الأم وبرأ أمهم من العقم لأنها ولدتهم وهم شوكة العرب منهم حكماهم بنو هاشم وبنو أمية. ولا ريب أن القرم أباهم وهو النضر بن كنانة جد قريش، قد كان فحلًا منجبًا. ولا ريب أيضًا أن خال قريش ينبغي أن يكون أكرم خال.
ثم أضرب عن ذكر الفحل، ونسب قريشًا إلى أمهم برة بنت مر، فأكد العز بهذا لتميم بن مر. وكأنه قد أبن سوى قريش وتميم بالأقراف أو بقلة الإنجاب أو