أحبك أو يقولوا جر نمل ... ثبيرًا وابن إبراهيم ريعًا
غير أن أبا الطيب كما كان يسلك هذا الباب، كان يسلك غيره من أبواب الربط وله في ذلك افتنان أي افتنان. والمذهب الذي ذكره ابن رشيق للنابغة في العينية كثيرات أمثاله عند أبي الطيب. ومن أجود ما جاء له في هذا ميميتة.
ملمومكما يجل عن الملام ... ووقع فعاله فوق الكلام
وهي من روائع الشعر العربي كله وفيها أبيات صفة الحمى وفيها قوله الذي ختم به:
تمتع من سهاد أو رقاد ... ولا تأمل كرى تحت الرجام
فإن لثالث الحالين معنى ... سوى معنى انتباهك والمنام
أبو الطيب عالم وحده.
ويشبه مذهب حسان وإن لم يخرج كخروجه لصلة كلامه صلة أوثق أوس بن غلفاء حيث بدأ بفخر ثم خلص منه إلى هجاء رجل بعينه وأصاب قومه وذلك قوله:
جلبنا الخيل من جنبي أريك ... إلى أجلى إلى ضلع الرخام
بكل منفق الجرذان مجر ... شديد الأسر للأعداء حام
أي يخرج الجرذان من نافقائها أي أجحارها لكثرة خيله وشدة وقع حوافرها.
أصبنا من أصبنا ثم فئنا ... على أهل الشريف إلى شمام
وجدنا من يقود يزيد منهم ... ضعاف الأمر غير ذوي نظام
ثم انصرف إلى هجاء يزيد، وهذا على شبهه بخروج حسان أقل احتيالًا منه لأن نفس الفخر وثيق الصلة بنفس الهجاء.
سادسًا: المخاطبة:
وهي ضرب من الاحتيال على الربط وحفظ الوحدة كان كثيرًا عند القدماء وما نص عليه ابن رشيق نصًا، غير أنه يدخل في مقاله «ما تخلص فيه الشاعر من معنى إلى معنى ثم عاد إلى الأول وأخذ في غيره ثم رجع إلى ما كان فيه».
فمن أمثلته ما صنعه عمرو بن كلثوم في المعلقة حيث خاطب بدءًا فقال:
ألا هبي بصحنك فأصبحينا
ثم قال: