إن الخليط أجد البين فانفرقا ... وعُلق القلب من أسماء ما علقا
ولزهير أنفاس حرار. ومن آياتها هذه الملاحقة المذهلة بين الرمز والمرموز إليه، في ذكره الخليط والبين أولاً، ثم ذكره أسماء وما عُلقه من الشغف بها والرغبة إليها ثانيًا.
[البرق وتوابعه]
هذا، ومن رموز الشوق الكبرى البرق. وقد قدمنا لك طرفًا من الحديث عنه
قال امرؤ القيس:
أعني على برق أراه وميض ... يضيء حبيا في شماريخ بيض
وهو رمز بعيد الغور، شديد العمق. وذلك أن فيه معنى النار يرمز إلى خصوبة الأنثى، كما أن فيه معنى السحابة والسقيا. قال عبيد بن الأبرص:
فيهن هند وقد هام الفؤاد بها ... بيضاء آنسة بالحسن موسومة
فإنها كمهاة ألجو ناعمة ... تُدني النصيف بكف غير موشومة
يا من لبرق أبيت الليل أرقبه ... في مكفهر وفي سوداء مركومة
فبرقها حرق وماؤها دفق ... وتحتها بارق وفوقها ديمة
فذلك الماء لو أني شربت به ... إذًا شفى كبدًا شكاء مكلومة
فالبرق هو هند كما ترى.
والشعراء مما يتخذون البرق وسيلة للاتحاد مع الطبيعة. وما إلى نعت الطبيعة يريدون. لكنما يريدون إلى الإفصاح عن اللواعج التي في القلوب.