للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خاتمة عن جودة القوافي]

خير القوافي ما يلزم ألفاظ البيت، ولم يجئ كالواغل، مثال ذلك قول ابن أذينة في الحماسة:

إن التي زعمت فؤادك ملها ... خلقت هواك كما خلقت هوي لها

ومثال الرديئة قول أبي تمام:

كانوا برود زمانهم فتصدعوا ... فكأنما لبس الزمان الصوفا (١)

وكقوله:

لولا حداثتها وأني لا أري ... عرشًا لها لحسبتها بلقيسا (٢)

وأحسن المحدثين قافيه فيها أرى أبو عبادة البحتري (٣)، ومن شرهم طريقة في القوافي ابن الرومي، فقد كان يتعسف ويطيل ويمل، وقد حسب الأستاذ العلامة العقاد أن كثرة الغريب في قوافي هذا الشاعر، تدل على أنه كان ذا ذخيرة لغوية عظيمة. ولو قد كان الأمر كذلك، لكان الغريب قد تجاوز قوافي أبياته إلى حشوها، كما في شعر المعري والطائي، وأرجح أن ابن الرومي كان يستعين على قوافيه بالمعاجم. فإذا أراد أن ينظم علي الهمزة مثلا جمع مئات من ذواتها، ثم جعل يصنع الأبيات، ويأتي بالقوافي الغريبة في أواخرها. ألا تجد قوافي نافرة كل النفور عن


(١) ديوانه ١٥٥ س ١٢.
(٢) نفسه ١٣١، ص ٧.
(٣) اللهم غفرا، بل أبو الطيب المتنبي فيما نرى الآن والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>