هذا، والرجز القصير، كإله اليهود، رب غيور في ملكه الصغير من دولة الأناشيد، ولا يغفر أن يشرك معه غيره، مما ليس من سنخه، في أنشودة بحال من الأحوال، ولا حتى أخوه الرجز الثاني، فقول شوقي:
نحن بنو الجبار ... العلم المنار
(وقد حذفناه فيما ذكرنا من أنشودة الجن) ينبو عنه السمع شيئًا في موضعه من النشيد المذكور آنفًا.
فإذا كان الرجز الثاني ينبو مع الرجز القصير، فكيف بغيره؟
وقد أساء إلياس أبو شبكة (الألحان، المكشوف، ١٩٤١ راجع ص ١٢ وص ٣٢) في أنشودته:
حقولنا، سهولنا، كلها طرب، كلها غنى.
الشمس فيها ذهب، والسواقي منى.
إلى الحصاد، جنى الجهاد، قلب البلاد، يحيا بنا.
هيا احصدوا وأنشدو، الحب قلب ويد.
فهذا مجرد عبث, وأكثر ديوان الألحان كذلك.
[المتقارب المنهوك]
وزن هذا البحر "فعولن فعولن" كأن تقول: "كريم كريم" هذا بيت شعر، وكأن تقول: حمار بليد، ويجوز أن تقول: يصوم يقوم، فتحذف ما يقابل التنوين، وهذا اسمه القبض، وهو حذف الساكن الخامس من "فعولن" فتصير "فعول". ولا يخفى عليك أيها القارئ أن هذا الوزن قريب من الخبب في الخسة والدناءة، وقد مر عليك مثال منه في تمهيدنا في أول الكتاب، وهو: