للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الصياغة]

يندرج تحت مدلولها الوزن واللفظ والمعنى وطريقة التأليف. أما الوزن فقد سبق الحديث عن عروضه وقوافيه وهو خاصة الشعر الكبرى، وهو عنصر قائم بنفسه ودخوله في الصياغة منشؤه من أنه لا يستطاع فصله عنها. وأما اللفظ فهو أداة البيان وسبيله وقد فصلنا الحديث عن معالجة الشعراء وتناولهم لضروب جناسه وطباقه وموازنته وألوان جرسه وسجعه وترصيعه وتقسيمه، هو جزئي في المفردات وفي الحروف، وكلي في التراكيب والأبيات والقصائد، وبعض الكليات جزئيات بالنسبة إلى ما فوقها في الدرجة كالتركيب بالنسبة إلى القصيدة وإلى البيت والأبيات. قول أبي تمام: «أين» وقوله «الرواية» وقوله «النجوم» وقوله «أم» وقوله «ما» كل ذلك جزئيات من قوله الكبير:

أين الرواية أم أين النجوم وما ... صاغوه من زخرف فيها ومن كذب

وهذا القول الكبير نصفه الأول كلي بالنسبة إلى الكلمات التي تقدمت، وهذا النصف جزئي بالنسبة إلى البيت كله والبيت كله جزء من تمهيد أبي تمام الساخر بالتنجيم من حيث بدأ فقال:

السيف أصدق أنباء من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب

بيض الصفائح لا سود الصحائف في ... متونهن جلاء الشك والريب

والعلم في شهب الأرماح لامعة ... بين الخميسين لا في السبعة الشهب

إلى آخر ما قاله في هذا المعنى.

وكل ذلك من تمهيده الساخر جزء من القصيدة وهي كل بالنسبة إليه. نقول هذا القول لأنا ننكر ما يزعمه بعضهم من أن كل بيت في القصيدة مستقل بنفسه لا يربطه بكل القصيدة من رابط غير الوزن والقافية، ونرى، وسنبين ذلك إن شاء

<<  <  ج: ص:  >  >>