للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطبائع الصوتية المختلفة الناشئة من دق القدم، ودق الطبل، ونقر النحاس ونقر القرع وهلم جرًا، أشبه بشيء بالطبائع النغمية التي تضفيها القوافي على الأوزان. ولقد ألمعنا إلى شيء من هذا المعنى في مقدمة المرشد الأول إذ تحدثنا عن ألوان القوافي وضربنا لها أمثالاً من ألوان الشعر (١). وقد أخطأ قدامة حيث زعم أن القافية شيء زائد على الوزن لأنها كما قال كلمة تزاد عند مقطع البيت ليست لها ذات قائمة بنفسها. وقد بينا هذا من خطئه في الجزء الثاني من المرشد فليرجع إليه (٢).

[طور التنويع]

ولا أكاد أشك أن الشاعر العربي كان أول أمره يُنوع القوافي. ولعل هذا أن يستفاد من مقال ابن سلام أن أوائل العرب كانت تصنع البيت والأبيات فيما يعن لها من حوادث (٣). وأحسب أنا أن الشاعر القديم ربما كان ينشد بيتًا أو بيتين من روي واحد. ثم يسكت وينشد آخرين من روي آخر.

ولعل الشعراء أول اهتدائهم للوزن قد كانوا ينوعونه أو يخلطون أصنافًا منه. ثم استقام لهم طريق العروض من بعد. وأحسب نحو قول القائل:

الشيخ شيخ ثكلان

والورد ورد عجلان

أنعي إليك مرة بن سفيان

ربما صح أن يستشهد به في هذا الموضع لاختلاف أعاريضه، وإن يك كل من بحر الرجز، وقد عثرت على أبيات أخرى تشبه هذه ند عني الآن موضعها ولعلها في سيرة


(١) راجع المرشد جـ ١ - ص ٤٠ - ٧٣.
(٢) المرشد ٢/ ٤٩٣ طبعة الدار السودانية ١٩٧٠.
(٣) طبقات فحول الشعراء ص ٢٣ دار المعارف تحقيق العلامة محمود محمد شاكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>