هما معًا. وهجاء بشار هو الذي أوقعه في التهلكة وكاد أبو العتاهية يودي بهجائه أبناء آل المهلب وأبناء آل زائدة. ومن طريف شعر بشار في غير الغزل، وفي باب من أبواب الإضحاك الهجائي لامية يصف بها نعجة عجوًا أهديت له ليضحي بها. وقالوا إن فتى من بني منقر -وهم من سادة تميم- كان يهدي لبشار كبشًا جيدًا كل كبشًا أضحاه له فخان وكيله يومًا وبعث إلى بشار بعجفاة عجوز وأخذ بقية الثمن لنفسه -قال بشار:
وهبت لنا يا فتى منقر ... وعجل وأكرمهم أولا
وأبسطهم راحة في الندى ... وأرفعهم ذروة في العلى
عجوزًا قد أوردها عمرها ... واسكنها الدهر دار البلى
سلوحًا توهمت أن الرعاء ... سقوها ليسهلها الحنظلا
وضعت يميني على ظهرها ... فخلت حراقفها جندلا
وأهوت شمالي لعرقوبها ... فخلت عراقيبها مغزلا
وقلبت إليتها بعد ذا ... فشبهت عصعصها منجلا
وكنت أمرت بها ضخمة ... بلحم وشحم قد استكملا
ولكن روحًا عدا طوره ... وما كنت أحسب أن يفعلا
فعض الذي خان في أمرها ... من إست أمه بظرها الأغزلا
ولعمري لو كان بشار لزم هذا وترك ناي الخليفة وعوده وحر الخيزران لكان قد سلم ولكنه لكل أجل كتاب.
[بين بشار والحريري]
تنبه أبو نواس إلى أمر هام، وهو أن البداوة ضرورية لحيوية الشعر. ولكن كيف السبيل إليها:
عاج الشقى على رسم يسائله ... ورحت أسأل على خمارة البلد