للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس من له أدنى نظر بالشعر يشك أن هذه الرائية أجود بكثير من رائية أبي نواس، وأصدق لهجة وأصلح للنغم الشجي الذي صيغت فيه. وقد زعموا أن المأمون لما سمع بها غيظ على شاعرها حتى أمر بقتله قتلة شنيعة.

هذا وقد قل النظم في بحر المديد المعتل عند متأخري العباسيين حتى كاد يهجر، وقد جعل بعض المعاصرين يحيونه. ولم أعثر في ذلك على شيء يستحق الاختيار "بمقدار اطلاعي". وقد زعم الأستاذ الهاشمي رحمه الله في ميزان الذهب (٣٦) أن السبب في إقلال الشعراء في هذا الوزن هو ثقله. ولا أنكر أن فيه ثقلا. ولكني لا أراه منع ابن قيس الرقيات وأبا نواس والعكوك وجماعة من تلك الطبقة أن ينظموا فيه. وعندي أن السر في ندرته عند المتأخرين هو أن الفحول أمثال المتنبي وأبي تمام والبحتري والمعري قد تنكبوه في الكثير الغالب وبهم اقتدى من جاء بعدهم.

[السريع (٢)]

السريع مستمد من الرجز، وله أنواع، منها: الثقيل الطويل، وأكثرها دورانًا في الشعر ما يدخل في دائرة البحور التي بين بين.

ويزعم العروضيون أن وزن السريع الأصلي هو:

مستفعلن مستفعلن مفعولات ... مستفعلن مستفعلن مفعولات

بضم التاء غير ممدودة ولا مشبعة.

وهذا لم يستعمله أحد من الشعراء

ويقول العروضيون -ليبرروا ما افترضوه- إن الوزن الأصلي تعتريه علة اسمها الوقف عند الاستعمال، وهذه العلة تسقط ضمة التاء وتسكنها. ومن المعلوم ضرورة أن آخر البيت إما أن يكون مسكنًا، وإما أن يكون متحركًا، فإن كان

<<  <  ج: ص:  >  >>