وعينية المسيب بن علس
أرحلت من سلمى بغير متاع
انتقال الشاعر فيها من النسيب وصفة الطريق كأنه اقتضاب وإنما هو وثبة درجتها متضمنة في صفة السير الذي بدأه من عند أول النسيب إذ زعم أن سلمى من قلبه بمكان وحباله لم تنقطع، فالرحيل إذن من أجل هذا المديح.
فلأهدين مع الرياح قصيدة ... منى مغلغلة إلى القعقاع
جعلها مع الرياح لركوبه وتغنيه ووروده المياه بهذه المدحة العصماء
ترد المياه فلا تزال غريبة ... في القوم بين تمثل وسماع
هذه مقدمة. ثم تدرج منها إلى المدح نفسه:
وإذا الملوك تدافعت أركانها ... أفضلت فوق أكفهم بذراع
وإذا تهيج الريح من صرادها ... ثلجا ينيخ النيب بالجعجاع
أحللت بيتك بالجميع وبعضهم ... متفرق ليحل بالأوزاع
ولأنت أجواد من خليج مفعم ... متراكم الآذي ذي دفاع
وكأن بلق الخيل في حافاته ... يرمي بهن دوالي الزراع
هذا البيت مع طربه صورة مذهلة- ومع ذكره الخيل خطر له ذكر الحرب، وهذا من بابا تداعي المعاني
ولأنت أشجع في الأعادي كلها ... من مخدر ليث معيد وقاع
ونصير بعد إلى ذكر تداعي المعاني:
[ثالثا: تداعي المعاني]
حق هذا كان أن نذكره قبل التسلسل وقبل التدرج إذ هو في مادة ربط أول القصيدة بما يليه إلى آخرها أصل أصيل. ويداخله الرمز والإيحاء والتدرج والتسلسل.
ولكنا أخرناه عنهما لأن أمرهما كأنه أبين من أمره. وإنما نصل إلى درك ما كان وراء قول الشاعر من تداعي المعاني بالحدس وبالتفكر وبالتخمين كثيرا.
وبعض التداعي عفوي الانسياب آخذ ما يسبق منه بما يلي، متجاوبة أطرافه متساوقة تساوقا واضحا جليا. على ذلك قصيد امريء القيس «قفا نبك من ذكرى