للغناء والترنم. وهو كما قال الفارابي رئيس الهيئة الموسيقية. من أجل ذلك الشعر موزون. والقافية عندنا من الوزن طرف.
والإيقاع والبيان وضروب الأشكال كل ذلك مذاهب وأداء والله أعلم وهو الموفق للصواب.
أسلوب المقالة: تمهيد: أولاً: -
نبه الدكتور طه حسين رحمه الله في «من حديث الشعر والنثر» إلى أثر الشعراء على الكتاب. كما قد نبه على أثر أساليب الشعراء من قبل على أساليب الكتاب، حتى صارت كثير من الأغراض التي إنما كانت للشعر يتناولها الكتاب. وقد عرضنا لجوانب من هذا كله في معرض الحديث عن الرومي.
وقد ذكرنا أن ابن الرومي قد اتبع في الذي صنعه مذاهب أبي تمام كما اتبع أساليب أهل ضروب البيان من كتاب وخطباء من قبل. وقد ذكروا أن بشارًا أبا المحدثين قد كان خطيبًا متكلمًا كما قد كان شاعرًا وراجزًا.
والقارئ أصلحه الله يذكر ما قلنا عن أطوار قصيدة المدح وما أشبهها كيف لما كسدت أخذ الشعراء في مسالك من النظم كالمقامات والألغاز والأوصاف البديعية الزخارف، حتى نهضت قصيدة المدح النبوي فكانت هي سيدة مجال الشعر- إلى أن أحدقت بنا غوائل العصر الحديث من تفوق أوربا الحربي واستعمارها.
ثم جاء رواد النهضة فانعرجوا بما أفادوه من أوزان المدائح النبوية إلى نظم جديد نظروا فيه إلى أحوال دنياهم، وجعلوا له نماذج من الشعر القديم يجرونها على أساليب بلاغته وبيانه. وكان أبو الطيب المتنبي رأس ما حذوا عليه أولاً ذلك ظاهر في شعر الطهطاوي. ثم صير من بعد إلى الحذو على غيره: أبي تمام، وأبي عبادة والقدماء من إسلاميين وجاهليين:
كانت المعلقات حينًا من الدهر لا تدرس ولا تحفظ لأنها شعر يحرك القلوب ولكن لأنها من متون العلوم، شأنها في ذلك شأن ألفية ابن مالك من حيث رفعة المنزلة العلمية. وقد ألحقت البرد والهمزية وبانت سعاد بهذا الضرب من الرفعة أيضًا. إلا أن ثلاثتهن كان لهن مع ذلك حظ تغني المداح بهن والذاكرين، فكن بهذا في باب ما يراد له الشعر من تحريك القلوب أدخل.
كانت ديباجة الشعراء الذين انحرفوا بالفصيح الموزون المقفي من طريقه في المدحة النبوية إلى طريق دنيوي، أول الأمر ضعيفة، ثم جعلت تداخلها المتانة. وكان من أسباب ذلك النظر المتذوق للشعر القديم. وقد سبق أن ذكرنا ما كان للشناقيط العلماء