هذا كتاب ممتع إلى أبعد غايات الإمتاع، لا أعرف أن مثله أتيح لنا في هذا العصر الحديث.
ولست أقول هذا متكثرًا أو غاليًا، أو مؤثرًا إرضاء صاحبه، وإنما أقوله عن ثقة وعن بينة، ويكفي أني لم أكن أعرف الأستاذ المؤلف قبل أن يزورني ذات يوم، ويتحدث إليَّ في كتابه هذا، ويترك لي أيامًا لأظهر على بعض ما فيه. ثم لم أكد أقرأ منه فصولا، حتى رأيت الرضى عنه، والإعجاب به، يفرضان عليَّ فرضًا، وحتى رأيتني ألح على الأستاذ المؤلف في أن ينشر كتابه، وأن يكون نشره في مصر، وآخذ نفسي بتيسير العسير من أمر هذا النشر. وأشهد لقد كان الأستاذ المؤلف، محتفظًا متحرجًا، يتردد في نشر كتابه حتى أقنعته بذلك بعد إلحاح مني شديد. وقد يسر الله هذا النشر، بفضل ما لقيت من حسن الاستعداد، وكريم الاستجابة، من شركة الطبع والنشر لأسرة الحلبي، فشكر الله لهذه الشركة حسن استعدادها، وكريم استجابتها، وما بذلت من جهد قيم، لتطرف قراء العربية بهذا الكتاب الفذ، الذي كان الشعر العربي في أشد الحاجة إليه.
وإني لأسعد الناس حين أقدم إلى القراء صاحب هذا الكتاب، الأستاذ عبد الله الطيب، وهو شاب من أهل السودان، يُعلم الآن في جامعة الخرطوم، بعد أن أتم دراسته في الجامعات الإنجليزية، وأتقن الأدب العربي، علمًا به، وتصرفًا فيه، كأحسن ما يكون الإتقان، وألف هذا الكتاب باكورة رائعة لآثار كثيرة قيمة ممتعة إن شاء الله.