كما يطلق لفظ الأدب على حسن الخلق، وذلك قديم في العربية، يطلق على علوم الشعر والنثر والرسائل والنقد والخطابة. وهذا الاستعمال قديم أيضًا سببه أن هذه جميعًا كانت مادة يؤخذ به الناشئة فيؤدبون به. وكان يقال للتعليم تأديب وأدب وللمعلم مؤدب وذكر صاحب الوسيلة الأدبية أن مؤدبًا لأولاد عبد الملك بن مروان كان اسمه عبد الصمد في خبر ساقه. وكان يقال دابة أديب إذا كانت ذلولًا حسنًا أدبها. وقال الحجاج لأهل العراق لما لم يردوا السلام على كتاب أمير المؤمنين:«أهذا أدب ابن نهية؟ » قالوا وابن نهية هذا كان على الشرطة قبل زمانه. وقال زياد في خطبته البتراء يتحدث عن فضيلة المراء والولاة ويحث على طاعتهم:«فإنهم ساستكم المؤدبون» وقال معاوية لابنه يزيد -أحسب هذا الخبر في عيون الأخبار لابن قتيبة أو في العقد الفريد- يعاتبه حين رآه ضرب غلامًا له:«لا تفسد أدبك بأدبه» أي تأديب نفسك بتأديبه. وقال أحد الشعراء الأقدمين، أحسبه مخضرمًا:
لا يمنع الناس مني ما أريد ولا ... أعطيهم ما أرادوا حسن ذا أدبا
حسن بضم الحاء وسكون السين أو فتحها وسكون السين. الأولى اسم والثانية فعل. أي يا لحسن هذا من أدب، يتعجب ويسخر، هذا على ضم الحاء وسكون السين. وإذا فتحت الحاء فهو من باب تسكين المضموم أصله حسن فعل ماض من باب كرم وأدبا في كلتا الحالتين تمييز.
وقال الجميع بضم الجيم على صيغة المصغر، وهو جاهلي قديم، قتل يوم شعب جبلة:
يأبى الذكاء ويأبى أن شيخكم ... لن يعطي الآن عن ضربٍ وتأديب
وقصيدة الجميع التي منها هذا البيت قد سبق عنها الحديث وهي الرابعة في