وهي عند الأخنس حالٌ، كانت من أحوال طيش الصبا، لا طبقة من طبقيات المجتمع. ومن المستشرقين من خيل إليه أن لونًا عنصريًّا كان وراء الصعلكة. فجعل سليك من الصعاليك وهو يذكر في العدائين وكان له مع ذلك فرسٌ اسمه النحام وحفظ لنا الشعر رثاءه له وموضع موته بقرماء. وخيل إلى بعضهم أن الشنفري كانت أمه زنجية لما جاء في شرح لفظ الشنفري أنه العظيم الشفتين (انظر أعجب العجب للزمخشري) ورب غير زنجي تعظم شفته فلا يجعله ذلك زنجيًّا والذي في شرح المفضليات وفي أعجب العجب أنه من الأزد أمًا وأبًا وجاورت به أمه في فهم، وحسب الغرناطي صاحب المقصورة أنها فهمية من أجل ذلك فجعل تأبط شرا له بمنزلة الخال. وتأبط شرا وهو عند المعاصرين مثل في طبقة الصعلكة كان من قبيله فهم وبينها وبين هذيل عداوة ومر بك خبره مع قيس بن العيزارة. هذا ومما يقوى ما ذكرناه من أن سادة العرب وصعاليكهم كانوا لا يتمايزون في مادة العيش قول الشنفري:
ولولا اجتناب الذام لم يلف مشرب ... يعاش به إلا لدي ومأكل
وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن ... بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل
وقوله:
وما ذاك إلا بسطة عن تفضل ... عليهم وكان الأفضل المتفضل
فهذا من أدب النفس عند العرب، مطلوبًا أن يتحلى به الفرد، يزينه بفضيلته وليس من أدب طبقة عالية بعينها ولعله عند غير العرب ألا يكون إلا من باب أدب العلية من القوم فتامل.