فهذا ضرب ممن عده عروة من شرار أمثلة الصعلكة والضرب الآخر في قوله:
ولكن صعلوكًا صفيحة وجهه ... كضوء شهاب القابس المتنور
مطلًّا على أعدائه يزجرونه ... بساحتهم زجر المنيح المشهر
فذلك أن يلق المنية يلقها ... حميدًا وأن يستغن يومًا فأجدر
وكان امرؤ القيس صعلوكًا أيام أطرده أبوه وأتاه نعيه وهو يلعب النرد بدمون وقال طرفة:
وما زال تشرابي الخمور ولذتي ... وبيعي وإنفاقي طريفي ومتلدي
إلى أن تحامتني العشيرة كلها ... وأفردت إفراد البعير المعبد
رأيت بني غبراء لا ينكرونني ... ولا أهل هذاك الطراف الممدد
فسروا بني غبراء بأنهم الصعاليك. وطرفة ههنا من الخلعاء كما ترى. وهو من أبناء القبائل مع ذلك ومن شعراء المعلقات ولم يكن من طبقة حقيرة مع هذا الذي ذكره من صعلكته، واعتزاه بنفسه وأصله جسره على هجاء ملوك الحيرة فقتلوه وإلى هذا أشار الفرزدق بقوله:
وأخو بني قيسٍ وهن قتلنه ... ومهلهل الشعراء ذاك الأول
هن يعني القوافي. وقال الأخنس بن شهاب:
وقد عشت دهرًا والغواة صحابتي ... أولئك خلصاني الذين أصاحب
رفيقًا لمن اعيا وقلد حبله ... وحاذر جراء الصديق الأقارب
فأديت عني ما استعرت من الصبا ... وللمال عندي الآن راعٍ وكاسب
فالصعلكة التي يصف بها الأخنس نفسه ههنا فيها مشابه من صعلكة الشنفري في قوله: