وقد أطال شعراء السيرة والأخبار النظم في موحدات القوافي ومزدوجاتها في الرجز وغيره. وقد فاخر الأستاذ عبد الحي الكتاني رحمه الله بذلك في الجزء الأول من تراتيبة الإدارية الغرب، يجعله من باب الملاحم. وعندي أنه لا شيء يمنع من ذلك إلا ما دربنا نحن في العربية عليه من اشتراط الحرارة وحمي الروح وقوة الأداء في الشعر على نحو أن اتفق في القصيد الرصين المحكم فقل أن يتفق في المطولات جدًا مما يتجاوز المائة والمائتين.
وقد أطال ابن دريد في مقصورته وتأتي له فيها اتقان ومتانة وحوكي في منهجه ولحازم القرطاجني من رجال المائة السابعة مقصورة بالغة الطول من الألفيات محكمة الصياغة غير أن الذي فيها نزر من جيد الشعر الرائع، وهذا باب نأمل إن شاء الله أن نفصل فيه بعض التفصيل في موضع يناسبه فيما يلي من الفصول، حين نعرض لتطويل شعراء المولدين ولا سيما أهل الأندلس منهم ممن جاءت أشعارهم في الذخيرة ونفح الطيب وغيرها من الكتب والدواوين وبالله التوفيق.
وحسبنا هذا القدر من الحديث عن الإمتاع مقصودًا إليه أو غير مقصود من حيث دخوله في حيز الأغراض. ومن شاء جعله داخلًا في حيز نفس الشاعر، وهو الركن الرابع من عناصر الوحدة كما تقدم ذكره، والحديث عنه سيأتي إن شاء الله.
[تصنيف الأغراض]
أقدم أغراض الشعر فيما نرجحه ما كان متصلًا بحياة الجماعة وعقيدتها وعرفها ووجوه نشاطها. وهو الذي يسميه الناس الآن بالأدب الشعبي وربما استعملوا العبارة الإنجليزية فولكلور وهي مركبة من كلمتين: فولك (FOLK) هي الناس والشعب وما إلى ذلك ولور (LORE) أي العلم- يعنون بذلك التقاليد