والأخبار الموروثة والمعارف المأثورة، وهذا قد تنوسي كله إلا ما شذ وندر لا يغاله في القدم، وبقيت بعد أشياء حورت عنه، أو آسانٌ منه تدل عليه. ومن أعراقها وأقواها صلة به، ألعاب الأطفال، كالذي رواه أبو تمام من نحو قول الجارية:
يا رب من عادى أبي فعاده ... وارم بسهمين على فؤاده
واجعل حمام نفسه في زاده
وترد علي صاحبتها:
سبي أبي سبك لن يضيره ... إن معي قوافيا كثيرة
ينفح منه االمسك والذريرة
والذريرة طيب يصنع من مدقوق الصندل مسحوقه مع أخلاط أخر. وأجيال الأطفال يروون أناشيد ألعابهم جيلًا بعد جيل فلا تنقرض إلا حين تتغير أساليب حياة الناس كالذي شاهدناه من تغير أساليب الحياة من بساطة البداوة إلى تعقد حياة المدائن في مدى خمسين عامًا. واستمرار رواية الأطفال لما يروونه بلا تغيير ولا رجوع إلى نص مكتوب مما يصحح عندنا أمر رواية القدماء كأشعارهم، كما زعمنا من قبل في أوائل هذا الجزء. وفي حيوان الجاحظ مما يجري مجرى الأدب الشعبي أمثلة كثيرة نحو خبر علقمة والشق- والأبيات:
علقم إني مقتول ... وإن لحمي مأكول
اضربهم بالهذلول ... ضرب غلام بهلول
وفي الكامل مقال الضب للحسل حين كانت الحيوانات تتكلم:
أهدموا بيتك لا أبالكا ... وأنا أمشي الدألي حوالكا
وضرب تلبية العرب التي ذكروا وقد أورد أبو العلاء منها جملة صالحة في الغفران في قسمها الثاني وانظر ص ٥٣٤ - ٥٣٧ وضروب أناشيد سقياهم وقد