أورد البلاذري من مفاخرات قبائل قريش في ما حفروا من بئارٍ نماذج عدة (١) وذكر ابن سلام أن من أقدم الشعر قول العنبر بن تميم:
قد رابني من دلوي اضطرابها ... والنأي في بهراء واغترابها
وقولهم:
يأيها المائح دلوى دونك
من قديم شعر السقيا الجاري مجرى الأدب الشعبي.
ومن الأخبار الدالة في باب الأدب الشعبي تفسير عبارة حداء الإبل بهيد هيد أنها من حين انكسرت يد مضر فحملوه وهو يقول وايداه وايداه. وكان أحسن خلق الله جرسًا وصوتًا فأصغت الإبل إليه وجدت في السير فجعلت العرب مثالًا لقوله «هايدا هايدا» يحدون به الإبل حكى ذلك عبد الكريم في كتابه «(العمدة ٢/ ٣١٤) - قلت «وهايدا هايدا» ليست مما روي في زجر الإبل إلا أن يكون عبد الكريم توهم أن «وايداه» تحرفت إلى «هايدا» وهذه أقرب إلى ألفاظ الزجر وهي هيدٌ وهادٌ وهيد بكسير الهاء، والأولى فتحها، التي ذكرها الفيروز أبادي، وقد ذكر دي دي في باب الياء والواو وزعم أن أعرابيًّا ضرب غلامًا وعض إصبعه فمشى وهو يقول دي دي أراد يدي فسارت الإبل على صوته. وسمعنا في الدارجة من أهل الجمال هيد بالكسر وهاج وصيرورة الجيم دالًا في الدارجة كثير فهذا يسوغ عكسه. وقال ذو الرمة:
إذا حدوهن بهيد هيد ... حتى استحلوا قسمة السجود
والمسح بالأيدي من الصعيد
(١) () منها على سبيل المثال: نحن حفرنا البحر أم أحراد، ليست كبذر النذور الجماد- هذا تقوله امرأة من بني عبد الدار وأجابتها صفية بنت عبد المطلب بقولها نحن حفرنا بذر. تسقى الحجيج الأكبر. وأم أحراد بشر. فيها الجراد والذر.