حسن الواقع في النفس، إذ النفوس يعجبها وقع اللفظ القصير، إن كان يحوي الفكرة الطويلة والمعني الضخم.
[ضرورة التحسين]
إذن فالمقياس الصحيح الذي نخرج به من هذا التمهيد، لمعرفة جودة الجرس اللفظي، هو الايجاز، ويترتب على هذا احدى نتيجتين:
أولا- أن نحكم على كل أداء زاد فيه اللفظ على المعني، بأنه غير جيد محتجين بأن الذي عسى أن يكون فيه من المحاسن اللفظية، إنما هو حسن اصطناعي وهمي، لا حقيقة له، إلا من جهة نسبية بحتة، شأنه الشفة الزنجية المثقوبة، والجبهة الهندية المنقوطة، والحنك المصري الموشوم، والخد السوداني "المشلخ".
ثانيا- ألا نرفض الزوائد إذا وجدناها في أداء ما، وألا نحكم عليها بالصناعة والنسبية والوهمية، التي تجعلها فاقدة القيمة. ولكن نكلف أنفسنا الجهد الجهيد في أن نعرف الذوق العام، والتقاليد الأدبية، ظروف البيئة الفنية، التي دعت إلى مثل هذه الزوائد وهذا يتطلب منا دراسة لتأريخ البيئات الأدبية، و"الموضات" الأسلوبية المختلفة. فاذا فرغنا من كل ذلك وعرفناه جيدا، نظرنا إلى ما يقع بأيدينا من آثار شعرية أو نثرية، فيها زوائد المحسنات، بالنظر إلى بيئتها وتقاليدها، وحكمنا عليها في ضوء المعرفة التي ألممنا بها.
والسبيل الأولى فيها تطرف وإجحاف بواقع الأمور. فمع أن الجمال العاري من الزينة] تذكر تشبيه الصورة البشرية الذي قدمناه [مقبول على وجه الاجمال، الزينة في حد ذاتها شيء كالضروري بالنسبة إلى الطبيعة البشرية، لا يمكن تجاهله مهما يكن اعترافنا بما يدخل الزينة من اختلاف البيئات والأمزجة.