ءآثرت هدمًا باليًّا وسوية ... وجئت بها تعدو بريدًا مقزعا
أي جئت تعدو بأخبار السوء كأنك بريد ملوك الروم- مقزعًا أي سريعًا.
فلا تفرحن يومًا بنفسك إنني ... أرى الموت وقاعًا على من تشجعا
لعلك يومًا أن تلم ملمة ... عليك من اللائي يدعنك أجدعا
نعيت امرأً لو كان لحمك عنده ... لآواه مجموعًا له أو ممزعا
فلا يهنئ الواشين مقتل مالكٍ ... فقد آب شانيه إيابًا فودعا
أي عاد عدوه الكاره له كهذا المحل وهو شامت فرح، أما هو فقد ودعنا وداع فراق الأبد.
[النسيب]
مر عن النسيب من الحديث عنه كثير ونريد الإشارة ههنا إلى أهم ضروبه مما قد تصح عليه قسمته- وهذه الضروب تتداخل. فالضرب الأول ما يتعلق بالشوق المحض والحنين المحض وذكر المعاهد والديار وقد سبق في الجزء الثالث حديث عن رمزياته مما يغني عن إعادة ذلك ههنا. ومما يحسن إلحاقه ههنا بما سبق ذكره على سبيل الاستدراك (ولنا قدوة حسنة في ابن رشيق حيث قال في باب أغراض الشعر وصنوفه قبل استشهاده بأبيات الناشئ: «قد كنت أردت ذكر هذا الفصل فيما تقدم من باب عمل الشعر وشحذ القريحة له، فلم أثق بحفظي فيه، حتى صححته فأثبته بمكانه من هذا الباب») قول الفرزدق:
تذكر هذا القلب من شوقه ذكرا ... تذكر شوقًا ليس ناسيه عصرا
وهو مطلع القصيدة التي ذكر فيها فراره من زياد.
تذكر ظمياء التي ليس ناسيًّا ... وإن كان أدنى عهدها حججًا عشرًا