شوقي معروفة. وقد أكثر المعاصرون من هذا البحر حتى أطلق عليه بعض المتهكمين لقب "بحر الشباب" لكثره ما تنشره الصحف منه.
وقد اختلفت أغراض هذا البحر بين طرفي الغزل والحماسة، والمديح والهجاء والرثاء والفخر، لما قدمناه لك من عراقته في الاستعمال. ومع ذلك فقد كان ذا طابع واحد في جميع هذا، من وضوح النغم واعتداله، بحيث لا يبلغ حد اللين ولا حد العنف ولكن يأخذ من كل بنصيب.
وقوافي الخفيف عظيمة الأثر في طبع أنغامه بطابع خاص. ولهذا فقد جرت قصائد منه منذ عهد بعيد على مذهب المجاراة، بحيث تشتم في المتأخر منها نفسًا من المتقدم. لن نحاول في هذا السفر المختصر أن نستقصي أنواع القصائد الأول التي سارت على نهجها قصائد عدة من بعدها على توالي العصور، ونكتفي بايراد أمثلة قليلة.
[همزيات الخفيف]
الهمزة طريق منكوب كما زعم المعري، وقد تحدثنا عن هجنتها في باب القوافي ومع هجنتها هذه فقد أكسبها الخفيف دولة واسعة. والسبب في ذلك أن وزن الخفيف كامل الاعتدال. ولذلك يقع التشعيث في آخره فلا يضيره كما في "ثم راحت في الحلة الحمراء". ولو وقع التشعيث في بحر غيره لا ضطرب جدًا. ولعل اعتدال الخفيف هذا جعله يلائم الألف الممدودة [فمدها ينبو في كثير غيره من البحور]. وإنما لاءمها لأنها تصادف تفعيلته الأخيرة المطاطة المرنة فتنسجم وإياها ويخفي نفورها، ولا سيما إن كان المجري رفعًا أو خفضًا، وذلك يجيء بواو أو ياء مشبعة، وهما من سنخ مباين للألف. ولا تنس أن كثيرًا من العرب كانوا يسهلون الهمزة. والتسهيل يصير نحو:"حمراءو" إلى "حمراوو" ونحو "حمراءي" إلى "حمرابي". وأقدم ما عندنا من