للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهمزات معلقة الحرث "آذنتنا يبينها أسماء" وهي من رصين النظم، ومن أفصح ما قالته العرب، وفيها إمتاع لأحد له بنغم الخفيف لا يكاد يفوقه شيء إلا مذهب البحتري في السينية والأعشى في معلقته:

ما بكاء الكبير بالأطلال ... وسؤالي وما ترد سؤالي

وأعجب لماذا أهملها صاحب جمهرة أشعار العرب.

ولولا أن كلمة الحرث هذه مشهورة ومن مقررات المنهج الثانوي في أكثر البلاد العربية لاستمررت أستشهد لك منها بالأبيات، إذ فيها من اللفظ المرقص المطرب نحو قوله:

بعد عهد لنا ببرقة شما ... ء فأدني ديارها الخلصاء (١)

فرياض القطا فأودية الشر ... بب فالشعبتان فالإبلاء

تأمل إلى هذه الباءات والشينات كيف جاء بها الشاعر كأنما يضرب على عود أبح. وانظر إلى تكرار التاءات في قوله:

وصتيت من العواتك لا تنسهاه إلا مبيضة رعلاء (٢)


(١) برقة شماء: موضع. والبرقة: المكان يكثر فيه الحصى. وشماء بديار ربيعة. والخلصاء في ديار بني تميم، ووهم أبو عبيد البكري (انظر خلصاء من معجم ما استعجم) فحسب أنها من ديار ربيعة، واستشهد ببيت الحارث: "بعد عهد الخ". ولو كان نظر إلى قول ذي الرمة (ومن عجب أنه استشهد به).
له عليهن بالخلصاء مربعه ... ... فالفودجات فجنبي واحف صخب
لأدرك أن الخلصاء بديار بني تميم. هذا وقد ضبط المحقق "مربعه" بكسر العين جعلها بيانًا للخلصاء، وليس هذا بالصواب، وإن كان يجوز توجيهه، والراجح نصب المربح لأنها اسم زمن بمعنى زمن الربيع. وبعض الناس يروي "مرتعه" بالتاء المثناة وبخفض المرتع، وهذا ليس بشيء.
(٢) الصتيت: الجماعة. العواتك: النساء. رعلاء: بادئة.

<<  <  ج: ص:  >  >>