للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستقامة الوزن أن تقول. «ومالك والتلدد حول نجد». وهاك أبياتًا في الوافر من شعر عبد الله بن الصمة القشيري من شعراء الحماسة:

أقول لصاحبي والعيس تهوي ... بنا بين المنيفة فالضمار

تمتع من شميم عرار نجد ... فما بعد العشية من عرار

ألا يا حبذا نفحات نجدٍ ... وريا روضه بعد الفطار

وأهلك إذ يحل الحي نجدًا ... وأنت على زمانك غير زار

شهورٌ ينقضين وما شعرنا ... بأنصاف لهن ولا سرار

فأما ليلهن فخير ليلٍ ... وأقصر ما يكون من النهار

[كلمة عن الوافر]

في الوافر تدفق استمده من أصله «بحر المتقارب». إلا أن نغمه ينبتر في آخر كل شطر كما قدمنا. وهذا الانبتار شديد المفاجأة. وله أثر عظيم جدًا في نغمة الوافر- إذ يكسبها رنة قوية ليست في المتقارب. وهذه النغمة القوية بالطبع تسلبه مزية الإطراب الخالص الذي في المتقارب. ولكنها تعوضه تعويضًا عظيمًا عن هذا النقص، بأنها؟ ؟ ؟ للأداء العاطفي سواءٌ أكان ذلك في الغضب الثائر والحماسة أم في الرقة الغزلية والحنين.

ولانبتار الوافر الذي يحدث في كل شطر خاصةٌ غريبة. وهي أن عجزه سريع اللحاق بصدره، حتى إن السامع لا يكاد يفرغ من سماع الصدر حتى يهجم عليه العجز، بل الشاعر نفسه، أثناء النظم، فيما أرجح، يشعر بهجوم العجز والقافية بمجرد فراغه من الصدر، وربما سبق عجز بيت صدره إلى نفسه.

ولأوضح لك كلامي هذا بمثال. تخيل أن شاعرًا أراد أن يجعل كلام بشار:

إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن ... برأي نصيح أو نصيحة حازم

<<  <  ج: ص:  >  >>