للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شد النهار ذراعا عيطلٍ نصفٍ ... قامت فجاوبها نكدٌ مثاكيل

نواحةٌ رخوة الضبعين ليس لها ... لما نعى بكرها الناعون معقول

تفري اللبان بكفيها ومدرعها ... مشققٌ عن تراقيها رعابيل

وقول تأبط شرا:

وإني قد لقيت الغول تخدي ... بسهبٍ كالصحيفة صحصحان

ليس ببعيد من هذا الباب، والله تعالى أعلم.

[مقاييس الجمال]

الذي ذكرناه آنفًا، مجملاً ومفصلاً، من أوصاف النساء داخل كله في مقاييس الجمال. وأوصاف الطبيعة وحيوانها والمدح لأصناف من أجساد الرجال وهيئاتهم وسمتهم يدخل أيضًا في باب مقاييس الجمال. والحديث عن كل أولئك مما يستفيض فلا يتسع له هذا الباب. فنحن نختصره اختصارًا لنخلص إلى أمثلة منه عليها مدار الغزل، ثم نلحق بها ما يشابهها أو يتصل بها على وجه من المقاربة أو المفارقة من أمثلة الأوصاف التي مضت إن شاء الله.

وقد كانت العرب ترى النعمة وخفض العيش من الجمال، وغير العرب يشارك العرب هذا الرأي. وقد كانت مما تفطن إلى ضروب من الجمال النفساني الذي يلابسه العطف والرثاء وما هو بهذا المجرى من العواطف الإنسانية، إن عرضت لتصوير البؤس، نحن قول أوس بن حجر في مرثية له:

وذات هدمٍ عارٍ نواشرها ... تُصمت بالماء تولبًا جدعا

فهذه صورة تحدب على مأساتها النفس كما ترى. وهذا ونحوه سنلم به إن شاء الله بمعرض الحديث عن نماذجه في هذا الباب أو في باب الأغراض أو الخروج- أيا اتفق ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>