الارتفاع بمعاني الوجه وأسى الحب ولوعته إلى مرتبة من الاستشهاد والمأساة الإنسانية التي هي ذروة ما تصعد إليه غايات نعوت الأخلاق.
وملابسة هذا النحو لروح التصوف لا تخفى.
ونلفتك بعد إلى ما بين هذا المثال الثالث وبين المثال الأول من المقابلة.
إذ الشنفري قد جعل من نعت الأخلاق وسيلة إلى الإيحاء بالاشتهاء ولوعة الجنس مع ما أوحى به من المعاني الساميات في تجربته والمرقش قد جعل من الترائي ولوعة الجنس ومعارض الاشتهاء وسيلة إلى مرقاة فوقهن، من حاق التجرد الروحي والهيام، وحسبنا بعد هذا القدر، وفيما يلي من أبواب ما سيكمله إن شاء الله.
[مدح النساء وذمهن]
نجعل هذا الباب القصير استطرادًا نستطرده ليكون تمهيدًا لما بعده مما سنأخذ به إن شاء الله من أمر مقاييس الجمال والنماذج اللاحقة بها.
ومرادنا من قولنا مدح النساء وذمهن، أن ننبه إلى أن من هذا كثيرًا يقع بغرض المدح والذم لا غير، وليس مذهوبًا به مذهب الغزل. كقول ابن قيس الرقيات:
أمك بيضاء من قضاعة في الـ ... ـبيت الذي يُستظل في طنبه
وقوله في عيد الملك:
أنت ابن عائشة التي ... فضلت أروم نسائها
هذا موضع تنبيه.
والمدح المراد للغزل أو المراد هو والغزل معًا كثير، من أمثلته ما مر بك من كلام