والإيمان وما سوى ذلك كلا علم. أو كما قال تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٦) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}.
ما سقنا جميع هذه الأمثلة إلا من أجل الدلالة على أن الجهل بمعنى عدم المعرفة هو الأصل، والجهل الذي هو مقابل للحلم وركانة الرأي فرع. ومن قديم ما جاء في الجهل قول النابغة:
هلا سألت بني ذيبان ما حسبي ... إذا الدخان تغشى الأشمط البرما
يخبرك ذو فضلهم عني وعالمهم ... وليس جاهل شيء مثل من علما
فجعل الجهل في مقابلة العلم كما ترى. وقال عنترة:
هلا سألت الخيل يا ابنة مالك ... إن كنت جاهلة بما لم تعلمي
عنترة والنابغة كلاهما جاهلي قديم. وما أحسب أحدًا من القدماء كان يقول «الدب الجاهلي» ولكن كانوا يقولون شاعر جاهلي وشعر جاهلي وشاعر مخضرم وشاعر إسلامي وشاعر محدث- وهذا واضح وفيه بعدٌ من التناقض الذي في قولك أدبٌ وجاهلي تصفه به تشتقه من الجهل على أي وجه كان ذلك الجهل فتأمل هذا، ونعود من بعد إلى ما كنا في مضماره.
[رجعة إلى معنى الإمتاع بالشعر]
كما من الشعر ما يعمد فيه الشاعر إلى إمتاع نفسه او إمتاعك بالنغمة والإيقاع والترنم، ويكون امر ذلك واضحًا كل الوضوح كما تمثلنا به من شعر لبيد والحادرة، من الشعر ما يكون فيه أمر الإمتاع بالترنم مخالطًا لغيره كما في كلمة المنخل اليشكري: