سميتهم لأنه لا خلاف في تقديمهم في صنعة الشعر ولا شك في تبريزهم في مذهب النظم، فإذا كان الاختلال يتأتى في شعرهم لاختلاف ما يتصرفون فيه، استغنينا عن ذكر من هو دونهم إلخ» -وقد مر بك إسرافه على امرئ القيس وتفضيله من دونه عليه حتى العامة. وقال (ص ٢٥): «وقد علمت أن شعر امرئ القيس وغيره -على أنه لا يجوز أن يظهر ظهور القرآن ولا أن يحفظ كحفظه ولا أن يضبط كضبطه ولا أن تمس الحاجة إليه إمساسها إلى القرآن لو زيد فيه بيت أو نقص منه بيت، لا بل لو غير منه لفظ لتبرأ منه أصحابه وأنكر أربابه فإذا كان ذلك لا يمكن أن يكون في شعر امرئ القيس ونظرائه إلخ ... وقد يعلم القارئ الكريم إقدام أبي بكر إقدامًا على تغيير ألفاظ امرئ القيس، وادعاء الحسن أو الصواب أو الأفضلية لما صنع فانظر إلى هذا التناقض: أليس بعد هذا لابن حزم وأبي حيان كليهما من عذر في الغضب الذي غضباه.
إن كتاب الإعجاز مشحون بالفوائد، ولكن قاتل الله الإسراف، ولكن طريق الاعتدال على أنه هو السهل والمؤدي إلى الرشاد والسداد، هو أيضًا الممتنع العسير المنال، إلا بتوفيق من الله سبحانه وتعالى وقبول منه، إنه هو الهادي إلى الصواب.
[جناية التطويل على سلامة النظم]
سبق أن ذكرنا عند وقفتنا السابقة نذكر بعض آراء الناقد الإنجليزي صمويل تيلور كلردج ونوازن بينه وبين أبي تمام في بعض آرائهما عن الشعر إننا وعدنا أن نعرض لمقالة كلردج في التفرقة بين الذي سماه Legitimate Poem أي المنظومة الحقة والذي سماه Poetry أي الشعر في الموضع المناسب له. فههنا إن شاء الله موضع ذلك، إذ قد تحدثنا عن مطاعن أبي بكر بن الباقلاني على قصيدة امرئ