للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تن هكذا إلى ما لا نهاية، حصلت على الرتابة المطلقة. ولو جئت بوحدة مباينة ل (تن) هذه مباينة يسيرة مثل (تا)، وكررت بعد ذلك هكذا:

تن تا تن تا تن تا

بعدت عن الرتابة الأولي. وكان سر البعد هو التنويع ولو نوعت أكثر قلت:

تن تن تن تا ... تن تن ... تن تا

بعدت أكثر عن الرتابة. وهكذا كأن تقول:

تن تن تا تن تا تن تن تن تا تن تا تن

[الانسجام في لفظ الشعر]

تقول دائرة المعارف البريطانية: إن الشعر فاقد لعنصر الانسجام، وبهذا تمتاز الموسيقا عنه، وتزيد عليه (١). وهذا القول قد ألقاه صاحبه بلا تدبر، ولا تفكر. وقد نظر إلى معنى الانسجام من ثقف ضيق، وحصره في معناه الموسيقي الاصطلاحي، من حيث كونه ائتلافًا بين النغمات المتباينة من الآلات المتخلفة، يشدي بها في وقت واحد، ويجمع بينها اتفاق واحد: وهو أنها مكونة للحن واحد كامل. وحتى لو نظرنا إلى الانسجام من هذا المنظار الاصطلاحي الموسيقي الضيق، فلن يسعنا أن نقر هذا القائل على قوله بأن عنصر الانسجام مفقود في الشعر. وكأن هذا القائل قد قصر ناحية التنغيم والرنة في الشعر، على تفعيلاته وحدها أو ما يقوم مقامها على النظام الافرنجي دون العربي (٢). ولعله لو قد تأمل قليلا، لرأي أن موسيقا الشعر جامعة


(١) ENCYCLOPAEDIA BRTANNICA-ed. ١٣/٢١ - ٢٣/٨٧٨.
(٢) نعم يجوز لقائل أن ينفي الانسجام بمعناه الموسيقي عن الشعر، إذا كان وزنه يقوم على تتبع مقاطع الضغط المخرجي لا الضربات الايقاعية العروضية. وانظره في أوائل الجزء الثالث من هذا الكتاب إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>