للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرأي نائم والهوى يقظان

وقولهم:

يداك أوكتا وفوك نفخ

فالرأي في المثال الأول بإزاء الهوى، والنائم بإزاء اليقظان. والموازنة اللفظية معها مقابلة معنوية. وفي المثال الثاني قولهم «يداك» يقابله «فوك» و «أوكتا» تقابلها «نفخ». وكل ذلك يخالطه شيء من الإيقاع. لعلما أن يكون منشأه من طريقة التأليف.

[السجع والتقفية]

ثم يبدو أن أسلوب الموازنة والمقابلة دخلته ألوان من طلب التقفية من طريقي السجع والازدواج. وذلك بعد أن اتسعت العربية وكثرت مشتقاتها ومترادفاتها (١). ولعل سجع الكهان بعض ما بقي من أمثلة هذا الأسلوب، أو الأمثلة التي كانت تحذى على نماذجه كقول سطيح (٢):

أقسم بما بين الحرتين من حنش. لتهبطن أرضكم الحبش. فليملكن ما بين أبين إلى جرش.

وكقول شق:

«أقسم بما بين الحرتين من إنسان. لينزلن أرضكم السودان. فليغلبن على كل طفلة البنان. وليملكن ما بين أبين إلى نجران».

وكما ترى فإن هذا الأسلوب أشد إيقاعًا من سابقه لما فيه من تقفية الأسجاع.


(١) راجع قبله -١ - التمهيد.
(٢) سيرة ابن هشام، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- مصر- ١٩٣٧ - ١/ ١٢/١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>