للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدرعيات، يطلب الجناس ليقوى به معاني ما كان يحسه من جمال الوحدة ووحشتها وليتخذه في نفسه وسيلة للتعزي والتسلي، بمسعد من الترنم والدندنة، ومناغاة الألفاظ.

[خلاصة]

بعد هذا الكلام الطويل الذي ذكرناه عن أبي تمام والبحتري وشعراء القرن الرابع، وبعد هذه الإفاضة التي أفضاها عن المعري وعقده وتناقضه، وسعيه ليجد وسائل للإفصاح عن شعوره في الوشي، والتجميل في الصناعة، والافتنان في التجنيس، نريد أن نلخص هنا، جميع ما ذكرناه عن الجناس.

أولا- الجناس ضرب من التكرار. عمدته: إما مراعاة وزن الكلمات، وإما تكرار حروفها، والنوع الأول لم يفطن له نقاد العرب إلا تلميحًا.

ثانيًا- تكرار الحروف، الذي سميناه الجناس السجعي، وقد يقع مرادًا به تقريب الصورة الموصوفة، عن سبيل محاكاة صوتها، وقد يقع مرادًا به محض الترنم، والارتفاع بجرس الكلام. وكلا نوعيه كان الجاهليون يكثرون منهمان وقد أقل المتأخرون منهما إلا البحتري والمتنبي وأبا العلاء، وبعض أعلياء الشعراء.

ثالثا- قد اهتم النقاد الغربيون بهذا النوع من الجناس الذي سميناه السجعي، وعرفوا له نوعين، ما كان الاعتماد فيه على الحروف السالمة، وهذه يعرف عندهم باصطلاحهم Alliteration، وما كان الاعتماد فيه على الحروف المتحركة، وهذا يعرف عندهم باصطلاحهم Assonance. وقد كانت أشعار الإنجليز تعتمد كل الاعتماد على هذين النوعين، في إظهار موسيقا الشعر، ولا تعرف الوزن. وهذا كان للرد على ما زعمه الدكتور مندور، من أن جمع أشعار الدنيا، عمدتها التفاعيل.

رابعا- قد اهتم العرب بالجناس الذي تلتقي فيه الكلمات عند أصول

<<  <  ج: ص:  >  >>