وكأن قد خشي أبو عبادة أن ينسب في هذا إلى كذب ونفاق فقال:
حلفت بمن أدعوه ربًا ومن له ... صلاتي ونسكي خالصًا وصيامي
وهنا نفس قرآني وانظر آخر الأنعام: {إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي} الآية
لقد حطت دين الله خير حياطة ... وقمت بأمر الله خير قيام
يشير بهذا إلى أخذ المتوكل بقول أهل السنة وإبطاله ما كان عليه من قبله الواثق والمعتصم والمأمون من حمل الناس على القول بخلق القرآن- فيحمل قوله «بأنك عند الله خير إمام» على هذا الوجه والله تعالى أعلم.
[فصل فيما يقع من تشابه أشكال القصائد]
كان حق هذا الفصل أن يذكر مع التوطئة التي جعلناها للحديث عن العنصر الرابع من عناصر وحدة القصيدة وهو الذي سميناه بنفس الشاعر بتحريك النون والفاء. ولعله لا بأس بذكره في هذا الوضع استدراكًا لما فات ثم فيما تقدم أمثلة كثيرة مما نأمل أن يكون أعون على توضيح مرادنا في هذا الباب.
أشرنا في أول حديثنا عن المطالع والمقاطع إلى ما تقدم من معالجة لبعض ذلك في الجزء الثالث حيث استشهدنا في الباب الرابع منه بقول النابغة «يا دار مية بالعلياء فالسند» ومطالع تشبهه. وقد ذكرنا في الجزء الثالث أيضًا أمثلة أخرى مما تتشابه فيه طرائق الشعراء نحو.
صحا القلب عن سلمي وأقصر باطله
صحا القلب عن سلمي ومل العواذل
إن الخليط أجد البين فانفرقا
بان الخليط ولم يأووا لمن تركوا
بانت سعاد فأمسى القلب معمودا
ونحو المرأة المغاضبة كما عند الجميح في قوله:
سالتاني الطلاق إذ رأتاني ... قل ما لي قد جئتماني بنكر