في أوائل الجزء الأول من هذا الكتاب.
فلم أر كالقاطول يحمل ماؤه ... تدفق بحر بالسماحة طام
فالماء ماء القاطول عند دجلة وهو الذي ذكره في المرثية «محل على القاطول أخلق دائره». والبحر المتدفق بالسماحة الطامي بها هو الخليفة المتوكل.
ولا جبلاً كالزو يوقف تارة ... وينقاد إما قدته بزمام
فهذه صفة سفينة والسفينة تشبه بالجبل، قال تعالى: {وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام} أي كالجبال والجواري السفائن.
لقد جمع الله المحاسن كلها ... لأبيض من آل النبي همام
يطيف بطلق الوجه لا متجهم ... علينا ولا نزر العطاء جهام
يحببه عند الرعية أنه ... يذبب عن أطرافها ويحامى
وأن له عطفًا عليها ورقة ... وفضل أياد بالعطاء جسام
ثم يمضي في المدح بأسلوب النديم البلاطي المحب لسيده المخلص له السعيد (على حد ما ذكره ابن خلدون من بعد) بملقه وخدمته:
لقد لجأ الإسلام من سيف جعفر ... إلى صارم في النائبات حسام
يسد به الثغر المخوف انثلامه ... وإن رامه الأعداء كل مرام
إليك أمين الله مالت قلوبنا ... بإخلاص نزاع إليك هيام
قوله «أمين الله» مراده منه أمير المؤمنين وأمينه بذلك فيهم. ومع هذا أصداء «من أبي نواس، وقد كان البحتري شديد المحاكاة له والنظر إليه في أدب المنادمة، كما أنهما كليهما كانا شديدي التأثر لشيخ الندماء نابغة بني ذبيان وكبيرهم على مر الزمان، إذ ليس منهم من عريت له امرأة سيده المفتون بها حتى يصفها متجردة فتأمل. وإكثار أبي نواس من صفات الخمر يحث على قرنه بالأعشى، وقد فطن الناقد اللبناني مارون عبود إلى تأثر الأعشى بالنابغة إلا أنه غلا في ذلك إذ جعله مجترًا وقد عرضنا لهذه المسألة من قبل.
إليك أمين الله مالت قلوبنا ... بإخلاص نزاع إليك هيام
نصلي وإتمام الصلاة اعتقادنا ... بأنك عند الله خير إمام