[الأصل اليمامي]
وهذا قد ذكره النابغة في قوله:
واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت ... إلى حمام شراع وارد الثمد
يحفه جانيًا نيق وتُتبعه ... مثل الزجاجة لم تُكحل من الرمد
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا ونصفه فقد
فحسبوه فألفوه كما زعمت ... تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد
فأكملت مائة فيها حمامتها ... وأسرعت حسبة في ذلك العدد
وأشار الأعشى إلى نفس القصة في قوله يخاطب ابنته وقد نوى السفر:
عليك مثل الذي صليت فاغتمضي ... يومًا فإن لجنب المرء مضطجعًا
واستخبري قافل الركبان وانتظري ... أوب المسافر إن ريثًا وإن سرعا
كُوني كمثل التي إذ غاب وافدها ... أهدت له من بعيد نظرة جزعا
ولا تكوني كمن لا يرتجي أوبة ... لذي اغتراب ولا يرجو له رجعا
ما نظرت ذات أشفار كنظرتها ... حقًا كما صدق الذئبي إذ سجعا
إذ قلبت مُقلة ليست بُمقرفة ... إنسان عين ومأقا لم يكن قمعا
أي قلبت مقلة حرة صادقة ليست بمقرفة أي ليست بذات هجنة أو عيب وليس مأقها أي مجرى الدمع منها، بذي قذى ووجع ورمص. وهذا المعنى يشبه قول النابغة «مثل الزجاجة لم تكحل من الرمد».
قالت أرى رجلاً في كفه كتف ... أو يخصف النعل لهفي أية صنعا
فكذبوها بما قالت فصبحهم ... ذو آل حسان يُزجي الموت والشرعا
أي السهام واحدتها شرعة بكسر الشين وسكون الراء
فاستنزلوا آل جو من مساكنهم ... وهدموا شاخص البُنيان فاتضعا