صلة أنغامها بالبحور التي يمكن ورودها فيها واضحة (١).
في حديث الفارابي عن القوافي الذي تقدم ذكره قال:«وأشعار العرب في القديم والحديث فكلها ذوات قواف إلا الشاذ منها إلخ» لعله عني بالشاذ نحو هذا الذي ذكره أبو الحسن وقال إنه «غلط ويشبه من الكلام هذا جحر ضب خرب» على أن ما وقع من اختلاف الروى في ما تتقارب مخارجه نحو:
بني إن البر شيءٌ هين ... المنطق اللين والطعيم
زعم أنه كثير، قال:«وقد سمعت من العرب مثل هذا ما لا أحصي ... » ويغلب على الظن أن الذي زعم أنه غلط مما تباعدت مخارجه كان أيضًا كثيرًا عندهم ولكن قلة الرواية جعلته كالشاذ، يدلك على ذلك قوله في أبيات الراء واللام والميم والباء التي مرت «والذي أنشدها عربي فصيح لا يحتشم من إنشاد كذا، ونهيناه غير مرة فلم يستنكر ما يجيء به» أ. هـ. ومثل هذا لا يعلق بالذاكرة علوق ما القوافي منه محكمة، فهذا سبب قلة روايته. قال الجاحظ في البيان:«وقيل لعبد الصمد بن الفضل بن عيسى الرقاشي لم تؤثر السجع على المنثور، وتلزم نفسك بالقوافي وإقامة الوزن، قال: إن كلامي لو كنت لا آمل فيه إلا سماع الشاهد لقل خلافي عليك، ولكني أريد الغائب والحاضر والراهن والغابر، فالحفظ إليه أسرع، والآذان لسماعه أنشط، وهو أحق بالتقييد وبقلة التفلت، وما تكلمت به العرب من جي المنثور أكثر مما تكلمت به من جيد الموزون فلم يحفظ من المنثور عشره ولا ضاع من الموزون عشره» أ. هـ. قلت هذا على زمان الرقاشي المذكور أما الآن فالضياع أعم وأغلب والله المستعان.
[الإيقاع الداخلي]
وهو كل الإيقاع والرنين المنبعث من الشعر. واعلم أصلحك الله أن للشاعر
(١) () لنا كلمة ذكرنا فيها قوافي الخليل الثلاثين نشرت بمجلة المجمع سنة ١٩٨١ م وبمجلة المناهل من بعد.