مُفترش كافتراش الليث كلكله ... لوقعةٍ كائنٍ فيها له جزر
فقوله «مفترش» فيه كالاضطراب. والقدماء لم يكونوا يبالون بمثل هذا. ولكن المتأخرين يتحامونه إلا ما ندر. وكأنما يريدون أن يعوضوا بتصحيح الوزن عما يعوزهم من جودة الأسلوب.
[كلمة عامة عن الطويل والبسيط]
الطويل والبسيط أطولا بحور الشعر العربي، وأعظمها أبهةً وجلالةً، وإليهما يعمد أصحاب الرصانة. وفيهما يفتضح أهل الركاكة والهجنة. وهما في الأوزان العربية بمنزلة السداسي عند الإغريق، والمرسل التام عند الإنجليز. والطويل أفضلهما وأجلهما وهو أرحب صدرًا من البسيط، وأطلق عنانًا، وألطف نغمًا. ذلك بأن أصله متقاربي، وأصل البسيط رجزي، ولا يكاد وزن رجزي يخلو من الجلبة مهما صفا.
ومما يدلك على سعة الطويل، أنه تقبل من الشعر ضروبًا عدة كاد ينفرد بها عن البسيط. مثال ذلك أن الشعراء الغزليين على عهد بني أمية أكثروا من النظم فيه على أنهم أقلوا جدًا من البسيط.
وقد أخذ الطويل من حلاوة الوافر دون انبتاره، ومن رقة الرمل دون لينه المفرط ومن ترسل المتقارب المحض دون خفته وضيقه، وسلم من جلبة الكامل وكزازة الرجز وأفاده الطول أبهةً وجلالةً. فهو البحر المعتدل حقًا. ونغمه من اللطف بحيث يخلص إليك وأنت لا تكاد تشعر به. وتجد دندنته مع الكلام المصوغ فيها بمنزلة