قد يتصل حرف الروي إما بهاء متحركة، وإما بهاء ساكنة. وقل من الشعراء من يجعل الهاء هي حرف الروي، وأمثل لك ببيت لبيد:"عفت الديار محلها فمقامها"، الروي هنا هو الميم. لو كان لبيد بني معلقته على الهاء وحدها لكان قد جاء فيها مثل: منالها، سعادها، لقاؤها. ونحو هذا يكون إجازة وإكفاء.
أما الهاء المتحركة، فإما أن تكون حركتها ضمًا، وتتبعها واو في النطق، نحو:(بيت مصنوع):
أهلا بشهر قد أطلت صدودهو ... فالآن أكرم حين جاء وفودهو
وإما أن تكون كسرة تتبعها ياء في النطق، نحو قول شوقي:
وطوى القرون القهقرى حتى أتى ... فرعون بين طعامه وشرابهي
وهاتان كثيرتان في الشعر، وجيدهما ليس بكثير. ولعل السبب في ذلك هو أن حركتي الكسرة والضمة تتنافران مع ضمير الغائب، وهو حلقي من سنخ الألف.
وإما أن تكون الحركة فتحة تتبعها ألف في النطق، كما في معلقة لبيد. وهذه أكثر ورودًا في الشعر من أختيها على كثرتهما، والإجادة معها كثيرة.
والهاء الساكنة حسنة في الطويل، لأنها تقوم مقام الاطلاق، وفيها من الفخامة ما ليس في الإطلاق. وقد افتن ابن قيس الرقيات، فاستعملها بكثرة في الطويل وغيره، وجارى بها فواصل الآي، واتبع طريقته بشار في كلمته:
يا منظرًا حسنًا رأيته ... في وجه جاريةٍ فديته
وإن كان لم يبدع إبداعه. وجاء المعري بعد هذي بزمان، فافتن في استعمال