والمعنى هنا خطابي قومي، شبيه بما كان يصنعه حافظ، وفي القصيدة بعد مواضع إحسان لا تخفى وعندي أن هذه النونية أنطق بشاعرية إيليا أبي ماضي من كلمته الرائجة «الطلاسم».
جئت لا أعلم من أين ولكن أتيت
ولقد أبصرت قدامي طريقًا فمشيت
وسأبقى ماشيًا إن شئت هذا أم أبيت
كيف جئت، كيف أبصرت طريقي: -
لست أدري
أجديد أم قديم أنا في هذا الوجود
هل أنا حر طليق أم أسير في قيود
هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود
أتمنى أنني أدري ولكن ...
لست أدري
وهكذا وهلم جرا ... نغم لين فيه عذوبة الترنم ووضوح الوزن وحسن اختيار للكلمات- ولكن جملة البيان لا تصل بالقلب حقًا إلى كبير شيء. محاولة نزعة معرية الإلحاد خياميته [نسبة إلى رباعيات الخيام التي ترجمها فتزجر الد فأحدث ذلك لها شهرة]- ثم المعاني فقاقيع، مما هو دائر في باب طلب التعمق الفلسفي وليس بعميق.- مع هذا إيليا أبو ماضي من كبار شعراء عصر التجديد وقد حاول بجهد صادق أن ينفي عن دولة الشعر التجديدي كثيرًا مما احتشد فيها من الجند الدخيل الرهيب.
الضرب الثالث:
«رومنسية» الافندي
أصل معنى كلمة الأفندي فيما بلغنا السيد، وكانت تطلق على السلطان وعلى خديوي مصر فيقال أفندينا ويقال لجيش الخديوي «عسكر أفندينا»، ثم صارت الكلمة لقبا للسيد الجديد من المثقفين الذين تسنموا كبار الوظائف، وانعكس في بهائهم بهاء «أفندينا» بهاء «الميري»(أي السلطان وكأنها الأميري بتخفيف الهمزة) وجاهه.