أحسب أن هذا ترتيبهم إن شبهناهم تشبيهًا لا نريد به حقيقة المماثلة ولكن نريد به نحوًا من التقريب بثلاثة المولدين الكبار، أبي تمام وأبي عبادة وأبي الطيب. أشبههم بأبي تمام الصرصري. وأشبههم بأبي عبادة البرعي، وأشبههم بأبي الطيب البوصيري، وهو المقدم المجمع على تقديمه وتفضيله، والبرعي أشهر من الصرصري والذاكرون بالمديح النبوي أكثر لقصائده إنشادًا. وقد كان الصرصري من رجال السابع الهجري في نصفه الأول قتل ببلدته صرصر سنة سقوط بغداد. قتله التتار شهيدًا رحمه الله. وكان البوصيري من رجال نفس القرن ولد سنة ٦٠٨ هـ مات في آخره سنة ٦٩٦ هـ. وكان البرعي من رجال الثامن والتاسع كما في البدر الطالع وأشار إليه شارح القاموس في مادة برع ولم يذكر تأريخ مولده أو وفاته وذكر وفاته صاحب البدر الطالع أنها سنة ٨٠٣ هـ وذكرها الزركلي في أعلامه عند عبد الرحيم بن أحمد بن علي البرعي ولكن ذكر أن الذي بأيدي الناس هو ديوانه الصغير وكنت أصبت تأريخ مولده ووفاته من الأستاذ المجمعي المفضال الشيخ محمد علي عقبات. من علماء مدينة صنعاء ثم ند عني موضع القصاصة وذكر الشيخ النبهاني رحمه الله أنه من رجالات القرن الخامس ولا أحسبه صحيحًا لوضوح ما في البدر الطالع وقوته.
للصرصري مقصورة نظم فيها عقيدته، وهي ما كان قائمًا عليه إجماع أهل السنة وأحسب أن اللقاني في جوهرته المشهورة وغيره من معروفي أصحاب المتون المنظومة في العقائد لم يخلوا من استفادة بها ونظمها أمتن من نظمهم بلا ريب كقوله:
ومعجزات الأنبياء كلها ... ثابتة كيد موسى والعصا
ثم كرامات الولي ما بها ... ريب ولو قيل على الماء مشى
وأفضل العالم ممن آمنوا ... في كل عصر وزمان قد خلا
أمتك الزهراء خير أمة ... وخيرها القرن الذي بك اقتدى
وخير هذا القرن كل سابق ... وخيرهم أربعة هم الفرا
من «كل الصيد في جوف الفرا».
وكل من كان ببدر حاضرًا ... لوقعة ففضله لا يرتقي
وبيعة الرضوان من يشهدها ... فهو عظيم الفضل محروس الحمى
والكف عما كان بينهم به ... أدين لا أقبل من واش وشي