والتجمل والتصبر على ما فاته من لذاته. وفي البيتين الأخيرين ما يؤيد مزعم من يقولون بأن ابن أبي ربيعة تنسك في أخريات أيامه، لأن فيهما «رواقية» لا تخفى ولا سيما البيت الأخير.
[وافريات المعاصرين]
الوافر من الأوزان الخصبة، إذ لم يخل من نظم حسن حتى في العصور المظلمة التي تلت سقوط بغداد. والمعاصرون يتعاطونه كثيرًا، ومنهم من ينسون أن له حقوقًا عليهم أهمها تجويد الأداء، وإعطاء التفعيلات نصيبها الوافي مما يلائمها من الألفاظ. فيوقعهم هذا النسيان في الأوابد. مثال ذلك قول أحمد رامي [الشعر المعاصر ٢٣٠].
نعم أهوى ولا أُخفي غرامي ... ومن شرف الهوى أني صريح
وأما إن سئلت هل اصطفتني ... سكت فما استرحت ولا أريح
والمعنى واضح، وقد حاول فيه الشاعر طباقًا فتعثرت عليه الألفاظ.
ومن لي أن أقول تعلقتني ... وقلب الغانياث مدى فسيح
وهذا اللت والعجن معناه: أتمنى أن تحبني، ولكن من يثق بحب الغواني؟
تلاقيني فتخلص لي نجيًّا ... وألمس حبها فيما يلوح
وأراد الشاعر قوله:«فنخلص لي نجيا» أن يقتبس من القرآن: {فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} فأخطأ فهم الآية. وقوله:«ألمس حبها» استعارة أفرنجية، وشر منها قوله:«فيما يلوح» فهو هجين كودنٌ، مسلوخ من كليشهات الفرنجة النثرية.